كيف تؤثر التغذية على سلوك الطفل المصاب بالتوحد؟
- Healthy Nutrition
- 12 minutes ago
- 3 min read

يُعد اضطراب طيف التوحد (ASD) حالة عصبية تطورية تؤثر في طريقة تواصل الفرد وتفاعله مع الآخرين، وتتميز بوجود سلوكيات متكررة واهتمامات محدودة. غالبًا ما يظهر التوحد في مرحلة الطفولة المبكرة، وتتفاوت أعراضه بين الخفيفة والشديدة، ما يجعله طيفًا متنوعًا يتطلب تدخلات مخصصة لكل حالة (1). ورغم أن الجانب السلوكي والتواصلي يشكل محور التدخل العلاجي الأساسي، إلا أن الجانب الغذائي يُهمل في كثير من الأحيان، رغم أهميته الكبرى في دعم نمو الطفل وصحته العامة.
يعاني العديد من الأطفال المصابين بالتوحد من حساسية مفرطة تجاه ملمس أو طعم أو حتى لون بعض الأطعمة، ما يجعل وقت الوجبة تحديًا يوميًا. غالبًا ما يؤدي هذا السلوك الانتقائي إلى نظام غذائي فقير بالعناصر الغذائية الأساسية، حيث أظهرت الدراسات انتشار نقص الحديد، الزنك، فيتامين D، وأحماض أوميغا-3 الدهنية بين هؤلاء الأطفال (2). وتُعد هذه العناصر ضرورية لوظائف الدماغ، والمناعة، والنمو السليم. وقد أشارت أبحاث متعددة إلى ارتباط نقص أوميغا-3 بزيادة الأعراض السلوكية لدى الأطفال المتوحدين، بينما يُعتقد أن إدراجها في النظام الغذائي قد يُحسّن من التركيز ويُقلل من الاندفاعية (3،5).
من جهة أخرى، تُعد مشاكل الجهاز الهضمي مثل الإمساك المزمن، الإسهال، والانتفاخ من الأعراض الشائعة لدى الأطفال المصابين بالتوحد، مما يزيد من تعقيد الوضع الغذائي. في هذا السياق، برزت أنظمة غذائية خاصة مثل النظام الخالي من الغلوتين والكازين كخيارات علاجية محتملة، حيث لاحظت بعض الدراسات تحسنًا في السلوك والانتباه بعد اتباع هذه الأنظمة، رغم استمرار الجدل العلمي بشأن فعاليتها العامة (4،7).
من المهم التأكيد على أن التدخل الغذائي لا يمكن أن يكون بديلاً عن البرامج العلاجية الشاملة، بل يجب أن يكون جزءًا منها، بمشاركة الأسرة، وأخصائيي التغذية، والأطباء المختصين. ويُنصح باتباع خطة غذائية مرنة تُراعي إدخال الأطعمة بالتدرج، مع استخدام التعزيز الإيجابي لتشجيع الطفل على تقبل أصناف جديدة. كما يُعد تدريب أولياء الأمور على إعداد وجبات صحية بطرق تعزز القبول الحسي وتحسن القيمة الغذائية، خطوة مهمة يمكن أن تُحدث فرقًا ملموسًا في حياة الطفل (5).
يتّضح مما سبق أن التغذية تلعب دورًا جوهريًا في دعم الأطفال المصابين بالتوحد، ليس فقط من خلال تلبية احتياجاتهم الجسدية، بل أيضًا عبر المساهمة في تحسين السلوك، والتركيز، والتواصل (6). ويساهم اعتماد نظام غذائي متوازن ومراعاة الحساسيات الغذائية الفردية – مثل الغلوتين أو الكازين – في تحسين جودة حياة الطفل وأسرته (7). ومع ذلك، يبقى التشخيص الفردي، ومتابعة أخصائي تغذية مختص، أمرًا أساسيًا قبل اتخاذ أي قرارات غذائية (8). فالتغذية الواعية قد تكون من بين المفاتيح المهمة لفتح آفاق جديدة لهؤلاء الأطفال نحو الاندماج والتحسن (9).
المراجع:
1. American Psychiatric Association. (2013). Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders, 5th ed.
2. Hyman, S. L., Stewart, P. A., et al. (2012). Nutrient intake from food in children with autism. Pediatrics, 130(Suppl 2), S145–S153.
3. Bent, S., et al. (2011). A pilot randomized controlled trial of omega-3 fatty acids for autism. J Autism Dev Disord, 41(5), 545–554.
4. Whiteley, P., et al. (2010). The ScanBrit study on gluten- and casein-free diets. Nutritional Neuroscience, 13(2), 87–100.
5. Sharp, W. G., et al. (2010). Pediatric feeding disorders: a behavior analytic perspective. J Pediatr Psychol, 35(8), 866–876.
. 6 Tomova, A., et al. (2015). "Gastrointestinal microbiota in children with autism in Slovakia." Physiology & Behavior.
. 7 Whiteley, P., et al. (2013). "Gluten- and casein-free dietary intervention for autism spectrum conditions." Frontiers in Human Neuroscience.
8. Hyman, S. L., et al. (2012). "Nutrition and dietary interventions in autism: A systematic review." Pediatrics.
9. Levy, S. E., & Hyman, S. L. (2015). "Complementary and alternative medicine treatments for children with autism spectrum disorders." Child and Adolescent Psychiatric Clinics.
إعداد: أخصائية التغذية عدة بوهدة صافية
Comments